اختيار أم نصيب؟

 


التُربة مُسخرة لإنبات الزرع مهما كان نوعه، فإذا اختار المُزارع أن يضع بذور فواكه فسوف تعطيه الأرض أشجار الفواكه، وإذا زرع الزيتون فسوف يحصد أشجار الزيتون، أما إذا تركها بدون اختيار فقد تصبح قاحلة أو تُنبت بعض الأشواك المزعجة، ببساطة لن تختار الأرض لوحدها الاختيارات الأفضل للمزارع.

كذلك الأمر بالنسبة للحياة المُسخرة للإنسان، الله خلق الكون بقوانينه وكل مايحتويه، ثم خلق الإنسان وسخر له الكون كله، وأودع فيه خصائص وقدرات فريدة ومختلفة عن باقي المخلوقات، أنظر إلى الأرض وستعرف فالقطط والزرافات لم تبني بنايات شاهقة بعد أو تطير الحديد في السماء!

فيأتي الإنسان بطوله وعرضه "وشنباته" ليقول بكل ثقة "لماذا يارب لم تجعل حياتي أفضل؟ ولماذا لا أحصل على ما أريد؟ ولماذا كتبت لي الرزق القليل؟

وهو يكفر دون أن يعلم، مبدئيا لأنك لا تعلم أن الله كتب لك الرزق القليل أم الكثير فأنت غير مُطلع على صحائف الغيب، أما عن قليلك اليوم فهو نتاج كسلك وعدم ثقتك بما خلقه الله فيك.

ثانيا، فالله قام بدوره على أفضل وجه ممكن وأعطاك كل ما تحتاج إليه لتبني الحياة التي تريد فلماذا تريد له أن يبنيها لك وأنت نائم في كوابيس أفكارك السلبية الساخطة دوما؟ إذن لم أنت خليفة؟ إذا كنت تريد لله أن يفعل عنك كل شيء؟

الله أعطانا هذه الحياة وأعطانا كل الأدوات لنزرع ما نحب في حديقة حياتنا، وكل ما علينا فعله هو الاختيار أولا، لأننا مُنحنا ذلك، فأنت بإمكانك اختيار إكمال المقال، كما يمكنك اختيار إغلاقه فورا! أنت لا تنتظر من الخيار أن يُنفذ لوحده أو أن يقوم به الله عنك لأنك لا تعلم ما تريد! وتؤمن بأن الله يعلم كل شيئ! أنت تريد المعلومة لكنك منزعج من وقتك المهدور في القراءة أو من الأسلوب الذي لم يعجبك أو من أي شيء آخر!

طبق ذلك على حياتك، إذا كانت الضروف المحيطة بك لا تُعجبك فيمكنك ببساطة اختيار تغييرها، إذا لم تعجبك البلد فاختر تغييرها، إذا لم يعجبك عملك فإمكانك اختيار التطور والحصول على عمل أفضل، لم يعجبك بيتك المكركب بإمكانك اختيار النهوض وتنظيفه وترتيبه وتغيير ديكوره، لم تعجبك العلاقة التي أنت فيها صدقني ليست نصيب كما أخبروك ويمكنك اختيار تغييرها في أي لحظة من حياتك، لم يعجبك وضعك المادي بإمكانك اختيار شراء كتاب عن المال وتغيير عقليتك حوله.

ببساطة كل الحصاد الذي لا يعجبك في حياتك هو إما لأنك تركت أرضك تبور أو لأنك زرعت البذور الخطأ، وفي أي لحظة يمكنك تنظيف هذه الأرض وإعادة زرعها بما تريد وتشتهي وكل ماعليك فعله هو الاستسلام لعملية الزراعة بقوانينها، مثل أن تسقي الأرض يوميا بالماء، وتهيئها لعوامل الطبيعة المفاجئة مثل العواصف والأمطار الغزيرة أو حتى الجفاف، وتنتظر بصبر وفخر وقت الحصاد لأنه آت لا محالة، أنت تعرف أنك زرعت واهتممت بأرضك، وسوف تنال الفواكه التي اخترت زراعتها بالنهاية، وستكون سعيدا بالنتيجة ومستمتعا بوقت العمل كله. وستكون هذه الأشجار والفواكه نصيبك بالنهاية!

 وهذا الاستسلام لعملية الزرع ومواجهة الصعوبات هو استسلام لإرادة الله التي وضعها مسبقاً لأنه يعلم أكثر منك متى ستخرج الفاكهة وكم حبة ستزهر في كل شجرة، هنا عليك التسليم والدعاء، لا الدعاء وقت الزرع ووقت واجبك كإنسان خليفة!

فقبل أن تنطق بكلمة " نصيبي" احذر ألف مرة أن تُعلن عن اطلاعك لعلم الغيب وتكفر بالله دون أن تدري، فنصيبك هو اختيارك وسعيك وثقتك بالخالق الذي خلقك وسخر الكون لك وكل ماعليك فهمه هو قوانين هذا الكون لتستطيع أن تكون حقا خليفة لله.


صديقتكم إيمان الشعلة