الولد الصالح رزق

 

            

الولد الصالح رزق

هل الولد الصالح إنجاز أم رزق

    كم من أم أفنت حياتها من أجل تربية أطفالها ، واستخدمت أشد الوسائل التربوية صرامة لتعلم طفلها الالتزام والاحترام والنجاح والتفوق مستخدمة ثقافة "العيب والحرام والممنوع" ، وكانت النتيجة طفل متمرد قاسي القلب ضائع بعيد عن الدين والأخلاق! جميعنا نعرف شخصا على الأقل بهذه المواصفات ونتأثر لتعب الأم الذي ذهب هباءا منثورا .
وعلى العكس من ذلك، كم من أم اعتبرها من حولها مهملة ومتساهلة وتفرط في تدليل أولادها ولا تهتم بتعليمهم كيفية الطاعة والالتزام بأنواع معينة من الأخلاق والعادات ، وحتى أنها ربما لم تطلب منه يوما أن يصلي أو أجبرته على الصيام لأنه بلغ ، ولكن النتيجة أن الله هداه يوما ما وأصبح من رواد المساجد قمة في الأخلاق وناجح في حياته وحنون على والديه ، يحسد المجتمع والديه أن الله هدى لهما ابنهما رغم عدم شقائهما في تربيته، ألم تسمع بهكذا قصة من قبل؟ 
لا أحاول أن أوصل إليك فكرة أن الأم المهملة على حق والأم الصارمة على خطأ، ولا لأنزاح لرأي طريقة دون أخرى، لكن ما أحاول استنتاجه معك هنا هو أن الولد الصالح رزق . وأن طريقتك في التربية والتوجيه تساعد أبنائك في المستقبل لكنها لا تحدد هويتهم ولا مستوى أخلاقهم الذي يكونون عليه ، ولا حتى مدى التزامهم بالدين.
إذن لم كل هذا التعب، لم كل هذا السهر، وهذه القوانين اللامتناهية والكتب الكثيرة التي تحدد لي الطريقة الأفضل لتربية أطفالي، وكل كاتب حسب وجهة نظره هو، أو حسب خبراته وتعاملاته مع أطفاله ومجموعة أخرى من الأطفال والدراسات! 
رغم أننا بيننا وبين أنفسنا نقول جيل اليوم غير جيل أمس، وكل جيل يقول ذلك، والفرق بين الجيلين قد يكون ٢٠ سنة فقط.
إذن لم نقرأ ونتبع كتب من الأجيال السابقة! 
لا أعتبر نفسي ملمة في عالم التربية ولا حتى متطلعة، ولكن تجربتي كأم مستكشفة قضت أكثر من خمس سنوات في حياتها تبحث عن التربية والتربية فقط، وتبحث عن الطريقة التي تجعلها تربي جيل صالح ذا أخلاق عالية ومتميز ، ولا أنكر أنني جعلت من ابني فأر تجارب أطبق عليه هذا وذاك، فأحيانا أجد نتيجة وأحيانا أجد كارثة.
حتى في الاستشارات التربوية المتخصصة، قد تجد مستشارا تربويا ينصحك بنصيحة ما للتعامل مع مشكلة طفلك، قد تجد نصيحة معاكسة تمام من مستشار آخر ! وهذا ليس تقليل من شأن المستشارين التربويين ولكن ربما قصور في شرحي وفهمي كأم لمشكلة طفلي!
أتعلمون لم؟ 
لأنني لازلت أقرأ بنهم في الكتب التربوية عن مشاكل الطفولة وكيفية علاجها ، فكل ما يحضر في ذهني من تفسيرات هو نتيجة لما قرأت، لا نتيجة لما فهمت من طفلي نفسه!
وهذا ما أحاول الوصول إليه من خلال قفزي في الأفكار بهذا الشكل.
ماذا يحدث لو تركت الأم كل الكتب والنصائح والاستشارات وآراء الجارات والحموات والأمهات واستمعت لطفلها فقط!
ماذا لو سألته ما سبب مشكلتك يا طفلي ولماذا تتصرف بهذا الشكل ؟ هل سيجيبها ، هل سيخبرها بالسبب؟ بالحل؟ هل سيعتبر أن فعله ليس بمشكلة أصلا وأنه موهبة عليها أن تراها بعين الحب والإطمئنان وتوجهه بطريقة الأم الحنون في كيفية التعبير عنها بشكل آخر؟
قد يقول البعض : ما الجديد الذي تخبرينا به؟ فهناك من يقول بهذه الطريقة، لكن ما أحاول قوله هو أن هذه الطريقة مجرد مثال وليست أسلوب ، وقناعتي أن لا نعتمد أسلوبا ما للتعامل مع أطفالنا ، وأن نعتمد على حدسنا الخاص وخبرتنا الخاصة وفطرتنا الخاصة كأمهات وآباء.
ليس علينا استقاء كل شي من الخارج سواءا كتب ودراسات عالية المستوى، أو هكذا ربتني أمي!
من تجربتي المرهقة في محاولة تربية طفلي عن طريقة الكتب : كنت قد رسمت شكلا في ذهني للطفل المثالي ، لكن ماوجدته بعد خمس سنوات طفلا مختلفا تمااااما عن الطفل الذي رسمته في ذهني إلا أنني أحبه حبا جما.. 
لكن بعد مشكلة أرهقتني وجعلتني أتسائل بيني وبين نفسي " إذا كنت من أكثر المجتهدين في تطبيق النظريات التربوية ، فلِم لم أحصل على الصورة التي رغبت بها؟ فوجدت أنني أحب طفلي هكذا أكثر، أشعر أنه متميز أكثر ومتميز عني بالذات ، لن يستطيع أحد ممن يعرفونني سابقا تخيل أن هذا طفلي وهذه تربيتي !
لكن ما اقتنعت به جدا مؤخرا هو أن هذا طفلي وهذه شخصيته ! ولا علاقة لتربيتي بالموضوع إطلاقا !
واقتنعت أنني أتمنى من الله أن يكون من عباده الصالحين ، لكن ليس بالضرورة بطريقتي، ربما بطريقة أخرى لكنها قد تكون أقرب لله مني !
وكل واجبي في هذه الحياة أن أجعل عيني تقر بأطفالي وأن لا أتعلق بنوعية تربيتهم وهل هم إلى صلاح أو فساد طالما أوجههم إلى طريق الصواب وأحاول إقناعهم بالطريقة التي أعرف كأم أنها تقنعهم، وكل أم تعرف هذه الطريقة إن لم تتجاهلها من أجل الدراسات والنصائح وآراء من حولها. 
فقط إن وضعت سماعة الهاتف مع أمها وحماتها وصديقتها جانبا، وأغلقت الفيسبوك الذي يعج بشتى أنواع التجارب، وخاضت تجربتها الفريدة مع طفلها لوحدها ، متناغمة مع رسالتها ورسالته هو عندما يكبر. 
فكما للأم رسالة للطفل رسالة وعليه أن يتجهز لها، فلا تكن عائقا بينه وبين الأخطاء التي سيتعلم منها . 
وأجمل فكرة جاءتني اليوم وابتهجت لها أجمل ابتهاج وكتبتها مباشرة "


" لاتدفني نفسك في الحياة من أجل أولادك ، عيشيها معهم " 



صديقتكم المحبة " إيمان الشعلة "