وربما تكون التربية هي القاعدة الدنيا من تعاملنا مع أطفالنا .
فحياة أطفالنا بكل تشكيلاتها هي هرم يحتوي العديد من العناصر ، منها التربية ومنها الرعاية من حيث المطعم والمشرب والملبس ومنها التعليم ومنها الحب والحنان والاحتواء، وعلى رأس الهرم بالنسبة لي هي زرع القيمة ..
التربية هي أبسط وأدنى شيء يمكن أن تقوم به الأم ! لا تنصدمي سأخبرك لم؟
فقط جاوبيني على هذه الأسئلة؛
هل أنت الوحيدة التي ستقومين بتربية ابنك؟
هل المدرسة تربي؟
هل الأب والجدة والخالة والعم والأقارب يشاركون في التربية؟
هل الأصدقاء يربون أيضا؟
هل مدرب الرياضة يربي؟
هل الشارع يربي؟
هل اليوتيوب والتيكتوك يربي؟
إذا كانت إجابتك بنعم فأنت تعلمين يقينا كأغلب الأمهات أن الجميع يشارك في عملية التربية هذه!
إذن لماذا تعتبرين نفسك واحدة من بين هؤلاء وتقبلين بدور أقل بكثير مما منحه الله لك !
ستقولين لي الأم شيء ثاني ولها التأثير الأكبر على أطفالها في التربية ، وسأرد عليك: الصديق أيضا شيء ثاني وفي عمر معين سيكون أهم من الأم والأب وتربيتهم !
أنا لا أحاول إنكار دورك في التربية هنا لكنني أقول لك توقفي عن اشغال بالك كثيرا بفكرة التربية فهي مثلها مثل فكرة الطعام
سواء أكل طفلك من طبيخك أو من طبيخ جدته أو من طبيخ جارتك فهو نفس الشيء بالنسبة لجسمه.
كله سيُهضم بنفس الطريقة ولن تميز معدة طفلك بأنا هذا طبيخ "سبيشل" من أمك فاهضمه بطريقة أكفأ!!
أنت كأم أكبر دورا وأعلى قيمة من مجرد مربية! فتصرفي على هذا الأساس ودعكِ من المقارنات التافهة في الجلسات النسائية بين تربية فلانة وتربية علانة.
لا تستسلمي لهذه الخدع وتنشغلي بسلوك طفلك بدل انشغالك بدورك الأساسي الذي أقرّه الله لك في كتابه :
وقرّي عينا
تشعرين بالسخف لأنني أخبرك أن ترتاحي وتكوني قريرة العين لا تقلقين ولا تحزنين لانك تعودت على ثقل المسؤوليات الملقاة على عاتقك صحيح؟
تعودتي على كلمة :
شوفي تربايتك؟
تعودتي على الخوف من آراء المجتمع وآراء صديقتك وجارتك وحماتك في تربيتك!
تعودت على أن تكوني تلك العبدة الخادمة التي تضحي وتحرق أصابعها العشر من أجل إنارة شمعة أطفالها وعائلتها!
نعم تعودت على ذلك.
لهذا تجدين صعوبة في بلع فكرة الراحة والطمأنينة والسكينة مع أطفالك.
تجدين أن الحب الشاسع الرائع لأطفالك مخبأ في قلبك فقط! ولا تستطيعين التعبير عنه في كل لحظة وكل ثانية مع أطفالك،
لأنك منشغلة بتربيتهم وتعليمهم ونفخهم بأشهى المأكولات من طبيخك .
وهنا أيضا لا أنكر هذه الأدوار.
لكن تنشغلي بها على حساب أهم وأكبر دور أقول لك كفى!!
دعيني آتي إلى قمة الهرم عزيزتي :
زرع القيمة !
هل سمعت بهذا المصطلح من قبل ؟
إذا كنت من محبي التطوير الذاتي وتعملين باستمرار على تطوير نفسك فبالتأكيد سمعت به!
وهل يمكن لأحد أن يساعد على تطور أحد دون أن يتطور هو أولا؟
هل يمكن لفاقد الشيء أن يعطيه؟
هل يمكنك أن تملئي أكواب أطفالك من قارورة فارغة؟؟
إذا لم تنشغلي بنفسك أولا وتعملين على تطويرها، فكل ما ستقدمينه لأطفالك هو الضياع والحيرة ومزيد من الفشل!
إن لم تكوني القدوة ستكونين أول شخص يضحكون عليه ويسخرون منه عندما يكبرون قليلا ويكتشفون الدنيا أكثر منك!
هل تبدو لك هذه القصة مألوفة؟
زرع القيمة ياعزيزتي أمر غاية في الخطورة والأهمية، وسأكررها في كل تدويناتي ، لن يتعلم أطفالك فضائل الصدقات إن لم يشاهدوك تدخلين البسمة على وجوه أشقياء مددت لهم يد العون، ولن يُقيمو الصلاة بإرادتهم ورغباهم ما لم يروك مطمئنة مبتسمة مستشرقة بالنور والرحمة بعد كل صلاة!
لا داعي لأن أذكر الأمثلة الحاصلة في مجتمعنا فأنتِ تعرفينها جيدا..
ازرعي فيهم قيما حقيقية ، قيما إنسانية تغوص في مشاعرهم وأعماقهم ولن تتغير مهما تغيّر بهم الزمن ..
أحبيهم في كل لحظة حتى وإن قامو بفعل خطأ أخبريهم أن الخطأ خطأ لكنك طفلي وأنا أحبك دائما.
أسعدي نفسك بوجود أطفالك حولك ولتذهب الأعمال المتراكمة إلى الجحيم!
أنت أم
ولا أعظم في الحياة ولا أجمل ولا أهم من وظيفة الأم وأنت تدركين ذلك في أعماقك وبمشاعرك كلها..
فاعملي بها وصدّقي صوتك الداخلي..
كوني فقط أم و قرّي عينا ..
بقلم صديقتكم إيمان الشعلة
ملاحظة : أنا هنا أتكلم بلفظ "تربية" بالمفهوم العامي الذي نعرفه جميعا، أما المعنى الحقيقي لكلمة تربية سأدرجه في مقال منفصل يشرح أصل الكلمة ومعناها . واللفظ العامي "التربية" المقصود في هذا الموضوع هو تعليم الطفل السلوك الصحيح الذي يعتقده الوالدان بمختلف الطرق والأساليب.