شاهدت البارحة مع أطفالي فيلم أنيمشن بعنوان the sea beast ، والذي يتحدث عن قصة صيادين شجعان يخوضون مغامرات مستمرة للقضاء على وحوش البحر التي دمرت جزرا و مدنا، وكان الصيد الكبير هو العاصف الأحمر، أكبر وحوش البحر التي لا تقهر، سوف أترككم تشاهدون الفيلم لكنني سأشرع في تحليلي للقصة التي تنطبق على واقعنا بشكل كبير، حيث خاض هؤلاء الصيادون حروبا كثيرة مات خلالها آلاف الأشخاص عبر التاريخ لأجل قضية نبيلة و قصصا تحكى في كتبهم التاريخية لتزيد من حماسة الأجيال تجاه هذه القضية و تبنيهم لفكرة الدفاع عن الوطن ضد هؤلاء الوحوش، ومن بين هؤلاء؛ صياد شجاع و طفلة يتيمة لأبوين ماتا في البحر دفاعا عن قضيتهم،
حيث يغمر الاثنان مشاعر الرغبة العارمة في تحقيق أسطورتهما وكتابة قصصهما في الكتب التي ملئت أركان المملكة .. لكن كل ذلك جميل إلى الآن وسأنتقل مباشرة إلى نهاية الفيلم، حيث تكتشف الفتاة الصغيرة أن الوحوش المخيفة ليست بتلك الصورة التي قرأت عنها في كتب التاريخ، وأن العاصف الأحمر كان يحاول مساعدتها ومساعدة الصياد في حقيقة الأمر، ليجعلها بذلك تتساءل " لماذا تحاربنا الوحوش؟" وتخوض في نقاش قصير مع الصياد " بعد ضياعهما في جزيرة خالية مع الوحش الكبير.
لكن عقل الصياد المبرمج لسنين طويلة أنه صائد شجاع خُلق ليقتل هذه الوحوش رفض تلميحاتها بأن الأبطال قد يكونون مخطئين أيضا، وعرضت عليه بعض السطور المتناقضة في الكتب التي يقرؤونها والتي جعلته يفكر قليلا في حقيقة الأمر لكن برمجياته تسحبه للوراء، وكانت هي شجاعة أكثر منه على تقبل هذه الحقيقة والبحث أكثر لأنها أصغر منه" ربما هي أقرب للصدق والنزاهة والفطرة أكثر منه" رغم أنها تحمل قضية والديها وكانت متحمسة بشأن الانضمام إلى سفينة الصيادين الأبطال..
في نهاية الفيلم يكتشفان أن الوحوش لم تكن تحارب جزرا ولا مدنا، وأن المدن الموجودة في الكتب هي غير موجودة أصلا بالواقع، وأنها مجرد قصص خرافية أنتجها القصر الملكي، ليجعل الكل يقتل هؤلاء الوحوش ويحضر قرونها الضخمة، وليحقق ثروته على حساب الآلاف الذين قتلوا في البحر، وعلى حساب مخلوقات لم تقترب منهم أصلا!
ولقد نجحت الفتاة والصياد في إقناع الناس بذلك بعد أن نجحوا في إثبات ألفة ووداعة هذا المخلوق الضخم، وأنه صديق لهم ولم يكن ليؤذي أحد " حتى كابتن كارو الذي سعى ٣٠ سنة من حياته لقتله" ولم يقتله الوحش بطلب من الفتاة لكي تنتهي هذه الحرب. كان الجميع متفاجئا مما يحدث و انكشفت كذبة القصر عبر العصور، عبر مئات السنين والعديد من الأجيال!!
ادخلني هذا الفيلم في دوامة من التفكير حيث يتكرر هذا المشهد التاريخي عبر الحضارات والسنين، حتى في يومنا هذا، نعتقد لسنوات عمرنا بأن شيئا ما حقيقي ومقدس تماما، و نحارب لأجل هذه القضية التي ولدنا عليها، ثم نكتشف في يوم ما أنها مجرد لعبة كبيرة جعلت ملايين البشر يصدقونها و يورثونها لأولادهم من بعدهم ويدافعون عنها باستماتة دون أن يبذلوا جهدا بسيطا ليكتشفوا حقيقتها من زيفها!!
والأمر الوحيد الذي أدعو نفسي وأدعوكم إليه هو أن نتدبر في كل شيء وفي كل تفصيلة من حياتنا وكل قضية نحملها، ونعرف لم نحملها؟ قبل أن نوجه أنفسنا وحياتنا! فلنا الحق في أن نعرف مصدر كل شيء، وكل معلومة، حتى الممنوع منها ، فربما تُروج أنها ممنوع وهي في حقيقة الأمر تحمل كنزا ضخما، لا يرغب لك هؤلاء بمعرفته حتى تبقى تحت قبضة سيطرتهم لعصور من الزمن.
حرر عقلك لكي تتحرر نفسك وتكتشف الحقائق المخبئة، فربما قد تجد الظالم مظلوما، وقد تجد نفسك ظالما رغم أنك كنت تعتقد أنك على حق، فقط فكر!
صديقتكم إيمان الشعلة
تابعوني على فيسبوك وأنستغرام
@imanecho3la