كثير من الأمهات تعتقد أنها بتنازلها عن حقوقها في الحياة الكريمة من أجل أطفالها هي تقدم لهم أفضل ماعندها وتفيدهم في حياتهم، لكن الحقيقة مختلفة تماما، فالأم التي تضحي بنفسها من أجل أطفالها هي تورثهم كارما سيئة تجلب لأطفالها نفس الحظ العاثر التي بنته بنفسها أو توارثته من أمها التي ضحت هي الأخرى بنفسها.
التضحية يجب أن تكون في مواقف تحتاج منك شهامة والتصرف بفطرتك كأم، كأن يكون طفلك في موقف صعب جدا لا ينقذه منه إلا تصرف فيه تضحية منك ، وكمثال اكستريم " لا يوجد إلا خبزة واحدة في البيت فالأم الفطرية تضحي من أجل أن يشبع أطفالها لأن هذا هو الموجود فقط ولأن قدرتها على التحمل أكثر من قدرتهم"
هنا التضحية فطرية وطبيعية، لكن كثير من الأمهات تضحي دون أن يُطلب منها ذلك، أو دون أن تضطر لذلك، وكأنها تريد أن تشعر أنها أم جيدة وتحارب فكرة الشعور بالذنب التي تراودها تجاه أطفالها بسبب تقصير في أمور أخرى " غالبا مشاعرية" فتقوم بالتضحية المادية والتضحية بمسار حياتها بالكامل بشكل غير رحيم بنفسها.
مثال إكستريم آخر لتضحية خاطئة جدا " أنا تعيسة جدا في علاقتي الزوجية ووصلت لمرحلة الاحتراق النفسي، لكن أضحي بطمأنينتي وسعادتي من أجل أن يعيش أطفالي تحت سقف أم وأب معا" هذه من أكثر التضحيات الشائعة التي تعتقد الأمهات أنها تسدي صنيعا لأطفالها، بينما الحقيقة أنها تورث أطفالها نفسية مسمومة تماما ومتعبة تماما وتنقل لهم تعاستها عبر الأثير، حتى وإن كانت تمثل السعادة أمامهم، الأطفال يستشعرون مشاعر الأم بالعمق مهما كانت، ومشاعر الغضب وفقدان الأعصاب التي تعاملينها بهم نتيجة لنفسيتك المسمومة هي أسوء تضحية تقدمينها لهم.
أضف إلى ذلك أن الأبناء غالبا ما سينكرون كل تضحياتك عندما يكبرون لأنها لم تكن مطلوبة منك بالأساس، فلا أحد طلب منك أن تأكلي من فتات صحون أطفالك، ولا أحد طلب منك أن تتنازلي عن شراء لباس العيد لتشتري لباس أفخم لأطفالك، الصح أن تحسبي نفسك معهم كطفلة أخرى تحتاج إلى البهجة والفرحة مثلهم تماما، وهكذا تنقلين لهم مشاعر مبهجة. وفرحة أكثر.
فلنكتفي من هذه البرمجية التي تقود بنا إلى التخلي عن حياتنا بالكامل وتقديمها عربونا خاسرا لأطفالنا، ظنا منّا أننا نفعل الصواب، الصواب عزيزتي أن تكوني سعيدة ومكتفية وواثقة وغنية حتى يستطيع أطفالك عيش تلك المشاعر مهما كانت الظروف من حولهم.